* قصة قصيرة ( بكاء وسط الصحراء )
* تأليف دكتور / ابراهيم حسن بركات
* ( بكاء وسط الصحراء )
· في دنيا العشق والهوى ماهو يقارب للجنون وما هو يقارب
للحب الإلهي وما هو يلقي بالإنسان في الخطيئة , مابين كل ذالك يقع الإنسان في
فريسة التفكير والبحث عن الهروب من الحياة بطريقة تجعله عاشق ومتلهف للهوي , في
هذا الفكر الشامل يعيش ( فارس ) وهو من أهل القرية البسيطة المترامية في صحراء مصر
الغربية بأحد الواحات الصحراوية وسط تلال من الرمال وحديقة من النخيل والزيتون
وعيون المياه الساخنة كسخونة رمال الصحراء , وسط هذه البيئة يعيش ( فارس ) بين حبه للحياة وحبه للخالق , الكل
يتقرب منه وهو الشيخ البسيط ويعمل في تجارة التمور والزيتون .
من يراه يحدد عمره في العشرينات ولكن تخطي
الأربعينات دون زواج لأنه يؤمن بالحب الإلهي
الذي يعوضه عن أي ملذات في الحياة , يذهب إليه
الناس من كل مكان في الواحات الصحراوية
بحثاً عن التقرب إليه وليكون سبباً في
التفريج عن كروبهم , علاجه للبشر القرآن والتمر والعسل , لا يرفض أحداً أو يرجع بشراً دون أن يلهمه
الله عز وجل في المساعدة لحل كربه , لا ينتظر مقابل ويرفض ذالك ويتبرع به لغير القادرين , ومع
حلول ليالي الشتاء القارصة البرد في وسط الصحراء وسقوط الأمطار القليلة وفي ليلة ظلامها
أسود حالك , سمع صوتاً من علي باب منزله يناديه , فهب دون
تفكير ليري من يستغيث به في هذه اللحظات شديدة البرودة , وإذا به يري رجلاً عجوزاً
يستغيث به
وبرفقته شابه في مقتبل العمر لا تشعر بما يدور حولها سوي أنها تمسك هذا الرجل بشدة
واتضح بعد ذالك أنه والدها ويقيم مع أسرته في هذه الواحة وهو يعمل مدرساً وليس من
أبناء الواحة بل من أحد محافظات الدلتا , استمع ( فارس ) الي قصة
الرجل والفتاه وهو ينظر إليها في تعجب وهو الذي لم ينظر لامرأة قبل ذالك بالرغم من المئات
يومياً يأتون له من كل مكان , نظر إليها وسأل عن اسمها وهو ( أسماء ) وعرف قصتها ولكن مرضها غريب ,
طلب من والدها أن يضعها في وضع النائمة ونظر لوجهها فرأي بياض وجهها يضيء الغرفة بطريقة
لا يراها غيره وعيونها تخرج منا بثقات من ضوء شديد يملأ المكان , وشفاهها تتلون بلون الأزهار
من كثرة حمرتها , رأي كل ذالك في غرفته البسيطة وارتعش جسده لما رأي , فمن هي
ولماذا هو بالذات يري ذالك الجمال والضوء , عرف قصتها بأنها تعيش في حالة من الهيجان مرات وحالة
من الغيبوبة مرات عديد فماذا فعلت الشقية وهي صغيرة كي تقع في هذا المرض اللعين , طلب
من والدها علاجها علي جلسات ولكن في منزلها ووافق الأب وهو يبكي ويدعو له , وفي كل مرة يذهب إليها ويقرأ القرآن عليها
تتحسن صحتها تدريجياً , ولكن لما هو يراها دائماً كقنديل مضاء في الغرفة دون غيره ؟ لماذا أصبح يرغب في
رؤيتها دائماً ويفكر فيها ؟ أسئلة كثير خطرة علي باله حتي رأي في منامه هالة من النور
تأخذ الفتاة من منزلها وتدخلها منزله , وهنا كانت الصدمة له هل هذا حب روحاني أم شهوة وقع فيها
وفي غرام الفتاة ؟ وكيف هو العاشق للذات الإلهية وعاشق لحب الله يفعل ذالك ؟ ومع دوام
المتابعة علي علاجها دون أن يلمس جسدها الا رأسها فقط , طابت
الفتاه مما كانت عليه وأصبحت أفضل حالاً مما هي عليه , وطلب منها الشيخ ( فارس )
مطلب واحداً عدم التفكير في البشر والتفكير في
حب الله بطريقة صوفية بعيد عن الغلو في الدين أو التقصير فيه
, ولكن والدها طلب منه ماذا حدث لابنته الجامعية في كلية الطب بالقاهرة ؟ لأنها لم
تذكر شيئاً لأسرتها سوي أنها تريد الموت , عرف الشيخ (
فارس ) تفاصيل ما حدث معها من خلال رؤيا عندما كان يجالسها للعلاج بالقرآن , وروي لأسرتها
ما مرت به ابنتهما , روي إيمان هذه الفتاه بحبها لوطنها وحبها لمجتمعها ورفضها للظلم في
المجتمع بأي شكل من الأشكال وذالك حسب ما تربت عله في منزل والدها ولكن رأت الموت
لزينة شباب مصر يحصدهم بكل أشكاله سواء بالقتل أو الحبس أو الفقر ومن
ينجو لا يجد سوي الإصابات التي تقعده جليساً مكانه دون تحرك , روي ما رآه من هول
الرصاص الذي ينزل علي الشباب كقطرات المطر ولا أحد
يعرف مصدره , رآي مشاهد من التعذيب لشباب آمن بفكرة مصر للمصريين والحياة بكرامة وإنسانية
, رأي كيف يذبح الشباب في جامعاتهم و منازلهم وفي
الشارع والكل يرفع يده ويقول من السبب ؟ رأي تصديق الشباب لفكرة ثورة علي الظلم
والفقر والمرض وصدق هذه الفكرة وانساق ورائها طالباً
الحياة ولكن دفع الشباب الثمن بالموت في كل ميادين مصر دون أن يعرفوا من السبب في مقتلهم ؟ كل ذالك رآه
وهو يعالجها حتى مسح دمعتها وهي تبكي عند سماع حديثه مع أسرتها , وهنا قام الشيخ (
فارس ) من مكانه وبطلب غريب في وقت غريب من شخص غريب لأسرة غريبة عن عادات وتقاليد واحات الصحراء وطلب من والد الفتاة أن
يتزوجها , موضحاً أن الحب الإلهي وتقربه الي الله جعله يري نعمة الله في الأرض متمثل في جمال هذه
الفتاه سبحان من صورها وسبحان من يؤمن وينقذ شباب
مصر من التلاعب بمستقبلهم أو حياتهم .