الثلاثاء، 28 يوليو 2015

ابتسامة لا تموت ( قصة قصيرة )



undefined

* ابتسامة لا تموت  *

·  لحظات انتعاش النفس مع هموم الحياة قليلة,,,  جملة كانت مقدمة لأحد صفحات
    مذكرات ( ابتسام ) الطالبة الجامعية ذات الجمال البسيط الهادئ والأخلاق العالية , اسمها
  يدل علي صفاتها فهي المبتسمة دائماً في جميع لحظات الحياة تبتسم , في لحظات الحزن والانكسار تبتسم , في لحظات النجاح والفشل تبتسم , وجهها كضياء القمر في ليلة البدر , وابتسامتها كلفحة هواء بارد في أيام الحر , وعيونها كنجمة في السماء تبرق في ليلة
مظلمة , وشفاهها كحبة كريز مقتطفة من بستانها حديثاً , وجسدها  كقطعة حلوي مذابة   في كوب من البن خالص البياض , وقلبها كماكينة طحن الغلال توزع الحنان والخير لمن  حولها , وعقلها كحكيم الزمان في مجلس الحكماء  يفكر في الحق والخير للجميع .
وفي مستهل الحياة تقابل ( ابتسام ) كبقية جيلها العديد والعديد من منغصات الحياة مادية
أو نفسية أو أسرية أو شخصية ولكن دون أن يتملكها الحزن واليأس بل ابتسامتها هي
شخصيتها التي تعيش بها وسط البشر ,  ابتسامتها التي تقابل بها كل ماسبق من منغصات
    الحياة , فلسفتها هي أن الإنسان فاني والنفس باقية , لاتحمل الشر لأحد ولا تحمل الكره أو الحقد ضد أحد , بالرغم من تربيتها وسط أسرة من الطبقة المتوسطة  في مجتمع يتعامل بالمال والعصبية و المحسوبية , إلا أنها تؤمن بأن شمس الحقيقة تكمن وراء الابتسامة , تقابل كل مجريات حياتها بالابتسامة , حتي قبولها لعالم العاطفة مع أحد الشباب في الدراسة الجامعية تقابله بالابتسامة خوفاً من ضياع حلمها من تأثير ظلم مجتمعها .
     شاركت كبقية جيلها في مظاهرات ومطالبات بالعيش بآدمية , طالبت مع جيلها بأن تكون
     معاملتهم علي أنهم بشر وعدم المساس بإنسانيتهم , طالبت مع جيلها بأن تعيش حياة
     دون انكسار أو دون موت نفوسهم قبل أرواحهم .. مات وأصيب العديد من أقرانها في
    هذه المطالبات العادلة ولا منصف لهذا الشباب بل رصاص الغدر والخيانة يصطادهم من
     كل اتجاه دون تحديد لمصدر هذا الموت ..
 قابلت ذالك بابتسامات طالت كثيراً دون بكاء مع مرافقة حبيبها ورجل المستقبل  لبيتها في
    كل الأحداث الدموية ,, لم تكن تبكي ولم تكن تغضب بل الابتسامة ترسم فوق شفاهها البعث للحياة من جديد لأقرانها وزملاؤها في كل المواقف ,, آمنت بالحرية والدين لله والوطن
     للجميع ولم تؤمن بإراقة الدماء خاصة لشباب وطنها , رفضت فكرة الموت في كل مجالات الحياة ,, الموت في الرياضة وماحدث في مباراة لكرة القدم وموت شباب لا ذنب له
     إلا أنه يعشق الحياة في تشجيع الرياضة وسلاحه زجاجة من المياه أو كيس بلاستيك به
     طعام لساعات محددة , رفضت الموت لشباب كل ذنبه أنه لبي نداء الوطن والتحق بالتجنيد , رفضت الموت لشباب في الشارع سلاحه البحث عن العمل أو البحث عن فرصة حياة , رفضت الموت المسبب له الإنسان وليس الموت المقدر للإنسان من الله عز وجل .
     رفضت ذالك كله وتقابله بابتسامة وروح قوية وثقة في الله عز وجل وفي جيلها وفي
      وطنها وفي شبابها ,,
     رفضت الموت وقابلته بجمالها الطاغي في كل شيء , قابلت ذالك بابتسامتها التي ترسم الحياة في نفوس كل من يقابلها , ولكن انطفأت شعلة هذه الابتسامة ولم تعد في الوجود  زالت الابتسامة وحل محلها الدماء والدمار ولم يبقي من جسدها الرشيق ولا جمالها
      البديع ولا شفاهها الحمراء ولا خصلات شعرها المنسدل سوي بقايا من جسدها في
     جامعتها عند انفجار قنبلة بعثرت بقايا أجساد أقرانها وبقايا جسدها ..
     ماتت  الابتسامة التي كانت لا تفارق شفاه صاحبتها ومات معها الأمل في البحث عن
     ابتسامة جديدة لشباب هذا الجيل, البحث عن ابتسامة شعب يريد الحياة . ( تمت )
 *****************************

undefined

( أحـلام لا تـمـوت )    يقظة ضمير
   * " كانت درجات السلم مرتفعة فكلما أصعد أجد طريقاً آخر طويلاً حتى كادت أنفاسي تنقطع وكاد قلبي تقف نبضاته , وكلما أصعد لا أجد نهاية للسلم , حتى أجد فتاة تحاول أن تمسك بيدي وكلما أقترب منها تبتعد صورتها عني  "  ………    هذه كلمات ظل ( خالد )  يرددها كل يوم بعد أن يستيق  من نومه , ولا يعرف السر وراء هذا الحلم الغريب الذي ينتابه يومياً , حتي أنه ذهب للعديد من أطباء علم النفس دون جدوى , بل وصل الأمر به الوصول لطريق الدجالين لتفسير حلمه والكل يفسره بروايات مختلفة , فهو شاب في الثلاثينات من عمره مغترب عن أهله في صعيد مصر ويعيش في أحياء القاهرة باحثاً عن المتعة واللذة والاستمتاع بحياته معتمداً علي ما ورثه من عائلته ومن وظيفته في أحد البنوك , لا يعطي للوقت أهمية ولا يندم علي حياة العربدة التي يعيشها , لا يعرف شيء
سوي شهواته وزينته وحياته الشخصية , يعيش ويستمتع من ضوضاء المدينة وضجيجها , يعشق الزحام وسط البشر , يفعل دائماً ما يحلو له دون رقيب ولا حساب .
ومع مرور مراحل حياته بمحطات ووجوه بشرية كثيرة ,  أهما النساء التي يفقد الثقة بكل أنثي لما يراه في حياته الملوثة من نساء مثله , وبعد عودته من احدي سهراته مع أمثاله , ارتمي علي الطريق العام ثم قام وهو يترنح ليجد حديقة بجواره ويدخلها من خلال سور قصير ويرمي جسده علي أرض الحديقة و شعر بمرض شديد يسري في جسده , وكل أطرافه ترتعش ولا يدري أين يكون .
ومع بزوغ شمس  الصباح التي رسمت خيوطها علي جسده كأن شلال من المياه يغسله مما لحق به من تلوث حياته المعيشية , وأخذ ينظر حوله ليجد حركات من البشر كموج البحر , هناك صراخ
 وبكاء , وهناك صيحات عالية , كلهم من الشباب والنساء والأطفال , وفي لحظة صغيرة كاد يؤمن
 أنه يحلم ولكن عندما وجد الدماء حوله والبكاء ودخان كثيف أيقن أنه في الحقيقة وليس حلم , سأل بعض الناس ماذا يحدث ؟ فلم يجبه البعض لأن سؤاله سخيف وساذج مثله حتى رأي فتاه تطلب منه المساعدة ليربط جرحها في بطنها وأن يذهب بها لأي مكان قبل أن يقبض عليها , ولكنه سألها نفس سؤاله عما يحدث حوله , فأجابته " أنت لا تعيش في هذا البلد لأن من يعيش بها يعرف ما يحدث "
وهنا كرر نفس السؤال عليها وهي مغطاة بالدماء الكثيرة التي لا يعرف هل هذا هذه الدماء بسبب جرحها أم دماء غيرها ؟    …….      ولكنها لم تجيب وراحت في غيبوبة مما جعله ينظر حوله ويطلب المساعدة ولكن حالة الهرج والمرج كانت تسيطر علي كل شيء حوله ……
ورفعها وأدخلها داخل سيارته التي كانت تقف أمام الحديقة وكان غير مدرك بوجودها , وذهب
بها للعديد من المستشفيات فوجدها مغلقة وبعضها ينصحه بعلاجها داخل منزله حتي لا يقبض عليها

وبالفعل ذهب بها لمنزله وحاول علاجها بنفسه ومسح ما عليه من دماء ونام علي أريكة صغيرة بجوار السرير التي تنام عليه ,,,,  وبعد بضعة ساعات أفاقت من غيبوبتها ووجدت ذالك الشاب
النائم فصرخت صرخة شديدة مما جعله يستيقظ ويهدأ من روعها ويطمئنها أنها في مكان آمن ,
وأخذ ينظر لها كأنه يراها  لأول لحظة ,, فلقد كانت ملطخة بالدماء وهو في حالة من عدم السيطرة علي عقله ولم يراها جيداً ,, رأي أمامه فتاه سمراء اللون وهذا السمار الحلو مع  عيون سوداوين لامعتين مترقرقة  والشعر الفاحم  الطويل الناعم  ونهدين مرتفعين كالجبال الشامخة وجسدها كالرماح المشرعة وملابس بسيطة ذات ذوق عالي تنم علي أنها من أصول عريقة ,,
طلب منها أن تشرح له ما يحدث فهو لا يفهم ماذا يدور حوله ؟  …. فقالت له بصوت متحشرج من البكاء والألم " غريب أن يوجد مثلك في هذه الأيام , ان مصر تمر بمرحلة ثورة علي الفساد والطغيان ضد فئة سيطرة علي المجتمع , فكيف لا تعرف ماذا يحدث ؟ "
فرد عليها وهو يخزي من نفسه وينظر الي الباب ولا يريد أن يطيل النظر لجسدها قائلاً :-
" أنا أعيش لنفسي ولا أعرف شيء حتى اسم الوزراء أو غيرهم , أعيش حياة قد تكون بالنسبة
 لكي فاسدة ولكن هكذا أعيش ولا أعرف ما يدور في هذا البلد سوي السهر ومعرفة النساء وشرب الخمور وحياة اللهو " ……..     وهنا بكت وظلت تبكي و تقول له :- " لابد أن تشعر بغيرك من شباب مصر بل وفقرائها , ألم تدرك كم من الحوادث تقع يومياً بسبب الفساد والفقر أو بسبب الظلم
, لابد أن نعيش حياة آمنة بنفس طاهرة وهواء نقي من تلوث البشر أليس من حقنا هذا "
وهنا قامت من مكانها وتطلب منه الخروج للحاق بزملائها في الثورة ومشارك المجتمع مطالب مشروعة من أجل حياة كريمة , وحاول أن يثنيها عن قرار الخروج دون جدوى , ولكنه أراد أن
     يكون كبيراً في نظرها وخرج معا , ومع دخوله أحد الميادين العامة ليشارك الشباب أحلامهم وهو في
 حالة نشوي وسعادة غامرة لكونه أصبح إنسانا حقيقياً ووجد ما يبعده عن طريق الفساد , ويتحدث مع ملاكه المبعوث له اذا بصوت طلقة ناري لا يعرف أحداً مصدرها , يجد بجانبه فتاته السمراء وملاكه البريء تسبح مرة أخري في دمها ولكن هذه المرة في قلبها كأن قناصاً أصابها في مكان قلبها لتموت وتموت معها البراءة ويموت الأمل في نفوس جيل بأكمله …… واحتضنها علي صدره وهو يبكي بعد أن أنطقها الشهادة ويصرخ ماذا يحدث ؟  ماذا يحدث ؟ ويودعها بأنه لن يرجع لسابق زمانه بل لابد
 أن يعرف كل شيء وعن أي شيء في مجتمعه …..  وعندها عرف أن الحلم الذي كان يراوده وطلوعه السلالم والفتاة التي كانت تريد أن يصعد وتمسك يده هي هذه الفتاة ولكن ماتت , وأخذ يصرخ
ويقول: " الآن أنت ملاك بالفعل فعودي لربك في سلام وأنا سأعيش طالباً السلام أيضاً " .

المصدر: تاليف د / ابراهيم حسن بركات
ibrahim-hassan6
صورتي الشخصية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق